عبد اللطيف أبورجيلة وعامان مع منصب الرئيس
مليونير المواصلات الذي تفاني في خدمة الزمالك
كان دائماً يقول: لم أنجب أولاداً في حياتي وأشعر أن
كــل لاعبــي الزمالك أولادي
في مرحلة من مراحل نادي الزمالك التاريخية .. كان المال مهما وضروريا إلي درجة غير مسبوقة..
كان
الزمالك في لحظات تحد حاسمة من أجل المستقبل..كان النادي ينتقل من موقعه
القديم إلي موقع جديد .. ولم تكن المسألة مجرد انتقال في المكان والزمان
فقط .. بل كانت ـ أيضا ـ قضية أعباء ضخمة تتجسد في بناء الصرح الذي يتعين
أن يليق بواحد من أهم الأندية الرياضية في مصر .. وبالطبع كان المال
ضروريا لتحقيق هذا الهدف..
ومن أجل المال بقي من المنطقي البحث عمن
يملكه حتي يساعد الزمالك وينهض به .. وكانت الضالة المنشودة هي رجال
الأعمال الذين يحبون اسم الزمالك، ويملكون الرغبة والاستعداد في مساعدته..
وفي
هذا الجانب لا يمكن إغفال اسم المليونير عبداللطيف أبورجيلة الذي تولي
منصب الرئيس، وكان دوره إيجابيا في الوقوف بجانب نادي الزمالك..
تولي
عبداللطيف أبورجيلة رئاسة الزمالك في عام 1959 حين أعيد تشكيل مجلس إدارة
النادي وبات مكونا من: أبورجيلة رئيسا، والدكتور محمود شوقي نائبا للرئيس،
واللواء يوسف العجرودي وإسماعيل شاكر وكيلين، والمهندس محمد حسن حلمي
سكرتيرا عاما، والعقيد حسين لبيب أمينا للصندوق، وعضوية كل من: سعد الدين
متولي والدكتور عادل الأزهري ومحمود حافظ ومحمود إمام ومحمد لطيف وتوفيق
الطحاوي وعبدالمنعم وهبي ورزق لطفي.
وترك أبورجيلة النادي عند صدور
قرارات التأميم عام 1961 .. وطوال الفترة التي قضاها في منصبه قدم الكثير
بحكم عشقه غير المحدود لنادي الزمالك، ودخل الرجل في منافسة شريفة مع أحمد
عبود باشا رئيس الأهلي آنذاك ـ وهو رجل أعمال معروف ـ لخدمة الرياضة
المصرية ممثلة في الناديين الكبيرين.
يرجع الفضل لأبورجيلة في شراء
قطعة أرض من ماله الخاص ليتوسع عليها نادي الزمالك، وكان يقول دائما وهو
يتبرع بالمال للنادي: «من الأفضل أن أكون رياضيا محمودا وليس غنيا محسودا».
كانت
علاقة أبورجيلة بكل ما يمت للزمالك بصلة علاقة نموذجية .. كان يحب كل ما
يتعلق بالنادي .. وكان من المألوف أن يقيم المعسكرات لفريق الكرة في عزبته
.. وكان دائما ينفق بسخاء دون انتظار لثناء أو شكر أو مقابل .. وكان من
بين أقواله المأثورة: « لم أنجب أولادا في حياتي وأشعر بأن كل لاعبي
الزمالك أولادي» .. ومن مواقفه التي لا تنسي مع لاعبي الكرة قيامه بإهداء
يكن حسين نجم الفريق هدية أحضرها له خصيصا من إيطاليا بمناسبة زواجه.
ولد
عبداللطيف أبورجيلة في 15 أكتوبر عام 1911 في مدينة أم درمان السودانية،
حيث كانت أسرته تقيم هناك، حيث كان جده لأمه حسن عبدالمنعم ممثلا لحكومة
مصر في السودان.
أبورجيلة ينتمي لأسرة عريقة من مدينة إسنا في قلب صعيد
مصر .. وقد تلقي تعليمه الأول في السودان، ثم أرسلته أسرته إلي القاهرة
ليلتحق بالمدرسة السعيدية التي حصل منها علي البكالوريا، ثم التحق بمدرسة
التجارة العليا ليتخرج فيها أوائل الثلاثينات، وفور تخرجه قامت أسرته
بإلحاقه بوظيفة في بنك مصر، وكان من حظ عبداللطيف أبورجيلة أن الاقتصادي
المصري طلعت حرب ـ الذي كان يتولي رئاسة بنك مصر آنذاك ـ قام بالتركيز علي
إعداد موظفي البنك بكل طرق الإعداد العلمية الحديثة، وداوم علي إرسال عدد
منهم في دورات دراسية في إيطاليا، وكان لعبد اللطيف أبورجيلة نصيب في هذه
الدورات .. وخلال وجوده في إيطاليا قام أبورجيلة بزيارة العديد من الشركات
والوكالات التجارية، ونجح في اتمام صفقة توريد بعض المحاصيل، وتمكن من
خلالها تحقيق ربح مالي ضخم .. وحدث عند عودته إلي مصر أن تقدم باستقالته
من بنك مصر ليسلك طريقا جديدا ومختلفا هو العمل الخاص لحساب نفسه.
ويوما
بعد الآخر أخذ نشاط أبورجيلة يتوسع .. وتواصل النجاح وتواصلت الصفقات حتي
بات واحدا من أهم المصدرين للحبوب والغلال والفول السوداني والقمح .. ووصل
أبورجيلة إلي درجة أن أصبح المورد الرئيسي لأسلحة الجيش المصري بعد حرب
فلسطين عام 1948 .. وظل كذلك حتي عام 1952
أبورجيلة افتتح مكتبا
خاصا في إيطاليا وشغله العمل والتجارة والصفقات عن الحضور إلي مصر لمدة
تزيد علي 12 عاما .. وبقيام ثورة يوليو عام 1952 اتصل به وزير الشئون
البلدية عبداللطيف البغدادي وطالبه بالعودة إلي مصر ليسهم في النهضة التي
تشهدها البلاد في العهد الجديد.
كان ذلك في عام 1954 .. وفي هذه الفترة
ـ تقريبا ـ عاد أبورجيلة ليحصل علي حق تسيير أوتوبيسات نقل الركاب وبدأ
بأسطول يضم 400 أوتوبيس .. وفي عام 1955 أنشأ شركة لرصف الطرق، وكانت
باكورة أعمالها رصف طريق مصر/الإسكندرية الزراعي، ثم أسس شركة الخزف
والصيني مع البنك الصناعي، ثم أسس شركة القاهرة للتأمين .. وعندما جاء
العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 قام بوضع أوتوبيسات بسائقيها تحت تصرف
القوات المسلحة.
أبورجيلة كان عاشقا للرياضة منذ صغره .. فقد لعب
التنس في مدرسة السعيدية، وكان مميزا فيها .. كما كان حارسا لمرمي فريق
كرة القدم الثاني بالمدرسة .. وعندما توسع في عالم المال والأعمال انشغل
عن الممارسة، لكنه أبدي اهتماما بنادي الزمالك الذي كان يشجعه إلي درجة
العشق.
وفي يوليو عام 1961 صدرت القوانين الاشتراكية التي تم فيها
تأميم كثير من الشركات، وتم وضع أموال وممتلكات أبورجيلة تحت الحراسة، ولم
يكن أمام الرجل سوي السفر إلي إيطاليا وانقطع عن زيارة مصر سنين طويلة حتي
عاد إليها من جديد ليستعيد ذكرياته ويحتفي به نادي الزمالك ويكرمه للدور
المهم الذي قام به.
وقد توفي عبداللطيف أبورجيلة في 17 أبريل عام 1991 ليسدل الستار علي حياة رجل لا تنساه مصر، ولا ينساه نادي الزمالك..
موضوع: عبد اللطيف أبورجيلة 
الأحد نوفمبر 29, 2009 3:23 pm
